هكذا أجلس كل ليلة، أقارع الصمت في جوف الليل، وأداري إخفاقي بسجائر رخيصة وكؤوس خمر محلي. أتعبني الوقت والليل ولم يعد الأمل في عودته يغريني.
كان يدثرني بكلماته، ويعريني بنظراته، وأقف أمامه متمنعة لحظة، ثم أستسلم لعبق رجولته. ألم يقل أوسكار وايلد:" الخلاص الوحيد من الإغراء هو الاستسلام له، قاوم، وتصبح روحك سقيمة بسبب ما امتنعت عنه."؟
غريب أمر الحب، غواياته السحرية، حماقاته الطفولية، يغمرنا بشمسه، ويليل أغلب أوقاتنا بحلكته، يرمقنا بنظرته، يقبلنا بشفتيه، يضاجع امتناعنا عنه أمام الحياء، فنصبح بعد ذلك أسيرات حرب دارت رحاها بين الرغبة والأخلاق.
هو، كان يدري أنني امرأة عجولة في حضرة الرجولة، مثل عجلات سيارة رباعية الدفع. وأنا أتأمله، أقترب منه، ألمس صدره، ألامس شفتيه، أرتمي في حضنه، كان يدري، كان يدري أنني قضيت كل وقتي في اشتياق إليه.
هكذا بدأ، رفع رأسي الخجول فنظرت إليه ونظر إلي، نظر إلي فنظرت إليه، دنا مني فأحسست أنفاس شفتيه تلامس شفتي، فكرت في قبلة مارسيل بروست التي وصفها في ثلاثين صفحة، فكرت في أن أفتح عيني فأنظر إليه، فتحتهما فألفيته غارقا متخشعا، فتخشعت لصلاته فأغلقتهما بدوري، وطافت الأرض من حولي فأحسست بوركي يقترب من سريره.
وبعد لحظات من الأنين، من المد والجرز، مع وصفة من الزبد الأبيض، رماني، فأصبحت عاشقة ليل.